تفسير آيات الأحكام) )
لطائف
التفسير
اللطيفة
الأولى : علّل تعالى قوامة الرجال على النساء بتعليلين :
أحدهما
: وهبي ، والآخر كسبي ، وأورد العبارة بصيغة المبالغة { قوامون عَلَى النسآء } ،
للإشارة إلى كامل الرئاسة والولاية عليهن كما يقوم الولاة على الرعايا ، فلهم حق
الأمر ، والنهي ، والتدبير والتأديب ، وعليهم كامل المسؤولية في الحفظ والرعاية
والصيانة ، وهذا هو السر في مجيء الجملة اسمية .
اللطيفة
الثانية : قال صاحب » الكشاف « : ذكروا في فضل الرجال أموراً منها : العقل ،
والحزم ، والعزم ، والقوة ، وأن منهم الأنبياء ، وفيهم الإمامة الكبرى ، والصغرى ،
والجهاد ، والأذان ، والخطبة ، والشهادة في الحدود ، والقصاص ، والزيادة في
الميراث ، والولاية في النكاح ، وإليهم الانتساب ، وغير ذلك .
اللطيفة
الثالثة : ورد النظم الكريم { بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ } ولو قال
» بما فضلهم عليهن « أو قال » بتفضيلهم عليهن « لكان أوجز وأخصر ، ولكنّ التعبير
يورد بهذه الصيغة لحكمة جليلة ، وهي إفادة أن المرأة من الرجل ، والرجل من المرأة
بمنزلة الأعضاء من جسم الإنسان ، فالرجل بمنزلة الرأس ، والمرأة بمنزلة البدن ،
ولا ينبغي أن يتكبر عضو على عضو لأن كل واحد يؤدي وظيفته في الحياة ، فالأذن لا
تغني عن العين ، واليد لا تغني عن القدم ، ولا عار على الشخص أن يكون قلبه أفضل من
معدته ، ورأسه أشرف من يده ، فالكل يؤدي دوره بانتظام ، ولا غنى لواحدٍ عن الآخر .
ثم للتعبير حكمة أخرى وهي الإشارة إلى أن هذا التفضيل إنما هو للجنس ، لا لجميع
أفراد الرجال على جميع أفراد النساء ، فكم من امرأة تفضل زوجها في العلم ، والدين
، والعمل ، وكما يقول الشاعر :
الحكم
الأول : ما هي الخطوات التي أرشد إليها الإسلام لمعالجة نشوز المرأة¿
أرشدت
الآية الكريمة إلى الطريقة الحكيمة في معالجة نشوز المرأة ودعت إلى الخطوات
التالية :
أولاً
: النصح والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة لقوله تعالى : { فَعِظُوهُنَّ } .
ثانياً
: الهجران بعزل فراشه عن فراشها وترك معاشرتها لقوله تعالى : { واهجروهن فِي
المضاجع } .
ثالثاً
: الضرب غير المبرح بسواك ونحوه تأديباً لها ، لقوله تعالى : { واضربوهن } .
رابعاً
: إذا لم تُجْد كل هذه الوسائل فينبغي التحكيم لقوله تعالى : { فابعثوا حَكَماً
مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ } .
وأما
الضرب فقد وضّحه عليه السلام بقوله : « فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبّرح » .
قال
ابن عباس وعطاء : الضرب غير المبّرح بالسواك ، وقال قتادة : ضرباً غير شائن .
وقال
العلماء : ينبغي أن لا يوالي الضرب في محل واحد وأن يتقي الوجه فإنه يجمع المحاسن
، ولا يضربها بسوط ولا عصا ، وأن يراعي التخفيف في هذا التأنيب على أبلغ الوجوه .
وقد
« سئل عليه السلام : ما حق امرأة أحدنا عليه؟ فقال : » أن تطعمها إذا طعمت ،
وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ، ولا تقبّح ، ولا تهجر إلا في البيت « » .